إعلان الرئيسية

الجديد

 في ظل الحرب الدائرة في غزة، يصبح شحن الهاتف مهمة شاقة ومحفوفة بالمخاطر. فالهاتف هو الوسيلة الوحيدة للتواصل مع العالم الخارجي، وللحفاظ على الأمل في ظل القصف والدمار.


كيف يشحن أهل غزة هواتفهم؟ معاناة كبيرة


يتجمع النازحون حول مقابس الكهرباء في المستشفى الإماراتي في رفح، وهو أحد الأماكن القليلة التي تقدم خدمة الشحن المجانية. ينتظرون ساعات طويلة ليحصلوا على فرصة لشحن هواتفهم قليلا، وليس بالضرورة كاملة.


يقول محمد أبو سخيتا، الذي فر مع عائلته من مخيم الشاطئ إلى خيمة في رفح “المشكلة مش بس الشحن، المشكلة الشبكة كمان. مرات بتكون الشبكة ضعيفة أو مقطوعة، وما بتقدر تتصل بأهلك أو تشوف أخبارهم”.


ويضيف “الهاتف هو الشيء الوحيد اللي بيخلينا نعرف شو بيصير بالعالم، وشو بيصير بغزة، وشو بيصير بالمناطق اللي فيها أهلنا وأصحابنا. بدون الهاتف، بنحس حالنا معزولين ومنسيين”.


وليس الهاتف فقط ما يحتاج إلى الشحن، بل أيضا الأجهزة الأخرى التي تسهل الحياة في الخيام، مثل الأجهزة الطبية أو الأجهزة المنزلية.


يقول محمد أبو طه، حلاق في رفح، إنه يستخدم الألواح الشمسية لشحن ماكينة الحلاقة الخاصة به، ولكنها لا تكفي لتلبية الطلب.


يقول “الزبائن كتير، والشمس قليلة. مرات بيجي زبون والماكينة مش مشحونة، وبضطر أقوله تعال بكرة أو بعد بكرة. ومرات بيجي زبون والماكينة بتطفي وسط الحلاقة، وبضطر أعتذر وأقوله انتظر شوي لحتى تشحن”.


ويستعين أحد الخياطين في رفح بدراجة طفل محولة إلى دينامو لتشغيل ماكينة الخياطة الخاصة به، وهو مثال على الابتكار والتكيف في ظل الظروف الصعبة.



الحياة بدون كهرباء


اندلعت الحرب في غزة عندما هاجم مقاتلو حماس جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي واختطاف 240 آخرين، من بينهم 130 لا يزالون رهن الاحتجاز، وفقا للحكومة الإسرائيلية.


وردت إسرائيل بحملة عسكرية هدفت إلى القضاء على حماس، وقصفت واحتلت غزة، مما أدى إلى مقتل أكثر من 24 ألف فلسطيني، وفقا للسلطات الصحية في غزة.


وترك معظم السكان منازلهم، وواجهوا نقصا حادا في الموارد الأساسية مثل الغذاء والمياه والكهرباء والأدوية، مما أدى إلى أزمة إنسانية، وفقا للأمم المتحدة.


وأصبح شحن الهاتف صعبا ونادرا، فالكهرباء مقطوعة معظم الوقت، والمنافذ المتاحة محدودة ومزدحمة. ويحاول الناس الحصول على شحنة قليلة تكفيهم للتواصل مع عائلاتهم وأصدقائهم، وللحصول على بعض المعلومات عن الوضع العام، وللإنارة في الليل.


يقول محمود معروف، الذي نزح من جباليا إلى خيمة في رفح، إنه يحمل بطارية كبيرة معه لشحنها في المستشفى الإماراتي، وهو أحد الأماكن التي تسمح بالشحن مجانا.


يقول “البطارية هاي بتشغللي الأجهزة اللي عندي في الخيمة، زي الراديو والمروحة والمصباح. بدونها، بنحس حالنا ميتين”.


ويضيف “المستشفى بيسمحلنا نشحن هون، بس بيحطولنا وقت محدد. ما بيقدروا يشحنوا للكل. الناس كتيرة، والمقابس قليلة”.


ويقول محمد الشمالي، الذي نزح من مدينة غزة، إنه يأتي إلى المستشفى كل يومين لشحن هاتفه، ولكنه لا يتوقع أن يشحنه كاملا.


يقول “الهاتف بيقعد معي يوم ونصف بالكتير، وبعدين بيفصل. بس بيكفيني أتصل بأهلي وأشوف شو بدهم، وأشوف شو الأخبار على الفيسبوك”.


ويقول “الشبكة مش دايما شغالة، بتقطع كتير. والإنترنت بطيء جدا. بس بنحاول نستفيد منه قد ما نقدر”.


الابتكار في زمن الحرب


في ظل الظروف القاسية التي يعيشها أهالي غزة، يبدعون في إيجاد حلول بديلة لتوليد الطاقة والاستفادة منها.


فمنهم من يستخدم الألواح الشمسية لشحن الهواتف والأجهزة الأخرى، ومنهم من يستخدم الدراجات الهوائية لتحويل الحركة إلى كهرباء، ومنهم من يستخدم البطاريات القديمة لتخزين الطاقة واستخدامها في الحالات الطارئة.


ويقول محمد الخياط، الذي يستخدم دراجة طفل محولة إلى دينامو لتشغيل ماكينة الخياطة الخاصة به “هذا الحل الوحيد اللي لقيته. ما في كهرباء، وما في بنزين، وما في مولدات. بس في دراجة، وفي ماكينة، وفي عزيمة”.


ويضيف “الناس بتحتاج تخيط ملابسها، وبتحتاج تشتري ملابس جديدة. وأنا بحتاج أكسب عيشتي. فبنحاول نتأقلم مع الوضع، ونستمر في العمل”.


ويقول محمد الحلاق، الذي يستخدم الألواح الشمسية لشحن ماكينة الحلاقة الخاصة به “الحلاقة مهنة شريفة، ومطلوبة في كل زمان ومكان. وأنا بحب شغلي، وبحب أخدم الناس. والألواح الشمسية بتساعدني في ذلك”.


ويقول “المشكلة إنها ما بتكفي لكل الزبائن، وما بتشتغل إلا في النهار. فبنحاول نوزع الشحن بين الزبائن، ونحدد مواعيد لهم. وبنحاول نستغل كل شعاع شمس”.


الأمل في السلام


رغم كل المعاناة والصعوبات التي يواجهها أهالي غزة، إلا أنهم لا يفقدون الأمل في أن ينتهي الحرب، ويعود السلام، ويعيشون حياة طبيعية.


يقول محمود معروف، الذي ينتظر دوره لشحن بطاريته في المستشفى الإماراتي “نحنا ما بنحب الحرب، وما بنحب العنف. نحنا بنحب الحياة، وبنحب السلام. ونحنا بنتمنى أنه يجي يوم ونرجع لبيوتنا، ونشوف أهلنا وأصحابنا، ونعيش بأمان”.


ويقول محمد الشمالي، الذي يحمل هاتفه المشحون بصعوبة “الهاتف هو الشيء اللي بيخلينا نحلم بغد أفضل. بيخلينا نشوف العالم، ونشوف الناس اللي بتحبنا، ونشوف الأماكن اللي بنحبها. وبيخلينا نتواصل مع اللي بيساعدونا، وبيدعمونا، وبيطالبون بحقوقنا”.


ويضيف “الهاتف هو الشيء اللي بيخلينا نشعر بالأمل. بيخلينا نشعر بأنه فيه حل، وفيه مستقبل، وفيه سلام”.

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان وسط الموضوع

Back to top button